هل تساءلت يومًا كيف يمكن للإنسان أن يبني ذاته ويطوّرها على أسس روحية عميقة؟ كيف يمكن للفطرة الإنسانية أن تكون مرشدًا عمليًا في رحلتنا لبناء أنفسنا وتطويرها؟
في هذه الدورة، نستعرض أحد أهم الكتب التي تفتح لنا آفاقًا جديدة لفهم الذات والعمل على تهذيبها: “نحو بناء الذات” للشيخ محمد تقي مصباح اليزدي. الكتاب يدمج بين المعارف الفطرية والتعاليم والقرآنية والرؤية العقلانية، ليقدم خارطة طريق واضحة لأولئك الساعين إلى تحقيق التوازن بين الجوانب الروحية والعملية في حياتهم.
الدورة ليست مجرد قراءة نظرية، بل هي تجربة تفاعلية تجمع بين المناقشات الحية، والأنشطة العملية، ودروس ملهمة تساعدك على التغيير الحقيقي. إذا كنت تبحث عن طريقة مختلفة ومثمرة لتحسين ذاتك، فلا تفوت هذه الفرصة.
الباحثون عن تطوير الذات
المهتمون بالفكر الإسلامي
الشباب والبالغون
قبل انطلاق رحلتنا، هذه بعض النقاط الضروريّة
المشكلة الأساسيّة للبشر هي الجهل بحقيقة الإنسان والجهل بكيفيّة صناعة هذا الإنسان. فما هي حقيقة الإنسان؟ وبماذا يتميّز عن غيره من الموجودات؟ وكيف يمكن له أن يصل إلى سعادته وكماله؟
تأمّل بسيط، ولكن تأثيره مهم ومصيري، وسوف نستعين فيه ببعض معطيات علم الأحياء
معرفة الذات هي أن نتعرّف على كمالنا وسعادتنا، وبناء الذات هو أن تصبح كلّ فعاليّاتنا متّجهةً نحو ذلك الكمال والسعادة، فهل يمكن لطالب السعادة والكمال بفطرته أن يُهمل معرفة ذاته وبنائها؟!
كثيرًا ما نردّد كلمة "كمال" ونسمع كلمة "كمال"، ولكن نجد أنّ هذه الكلمة فيها غموض. الكمال غامض لشدّة ظهوره، ونريد الآن أن نرفع الغموض عنه.
لماذا نخطئ في تشخيص كمال الإنسان؟ السبب في ذلك أنّ الإنسان موجود له مراتب، فلنتعرّف على مراتب الإنسان والعلاقة بينهما، لنعرف الكمال الحقيقي.
تعرّفنا على الكمال، وقلنا أنّ كمال أي موجود هي الأوصاف التي تتناسب مع مرتبته الأخيرة. دعونا الآن أن نتعرّف على الاستكمال أو الحركة نحو الكمال
التكامل يحتاج إلى عوامل وشرائط، سوف نتحدّث كثيرًا عن العوامل، ولكن ماذا عن الشرائط؟ فلنتأمّل
الكمال الإنساني ضالّة نبحث عنها، فكيف نجدها؟ بالتجربة الحسيّة أم بالغوص في أعماق النفس؟ فلنرى ما إذا كانت التجربة الحسيّة تنفع في ذلك.
تعرّفنا على الكمال ومراتبه، ولكن ماذا عن اللذة؟! دعونا الآن نغوص في أعماق اللذّة، فما هي هذه اللذة التي يطلبها الجميع؟
تعرّفنا على معنى اللذّة، ولكن هل لذّاتنا إنسانيّة؟ دعونا الآن نستكشف مراتب اللذّة وعلاقة اللذّة بالكمال، لنرى كيف تكون لذّاتنا إنسانيّة.
إذا كانت العبادة كمالًا لنا وأمرًا متناسبًا معنا، فلماذا لا نلتذّ بها؟ فلنتأمّل على ضوء ما تعرّفنا عليه في الدرس
تحدّثنا كثيرًا عن اللذة، ولكن ماذا عن السعادة؟ هل السعادة هي شيء غير اللذة؟ وهل يمكن الوصول إلى السعادة في هذا العالم؟ لنرى.
نحن في بحر مليء بالأمواج العاتية، نريد أن نعثر على برّ الأمان، وهذا البرّ هو كمالنا وسعادتنا، ونحتاج إلى بوصلة، فنتعرّف عليها.
ميولنا الفطريّة هي البوصلة التي ستوجّهنا نحو السعادة والكمال، وأوّل هذه الميول: العلم. فلنتعرّف على العلم، ولنرى إلى أين يقودنا.
دعونا نتأمّل أكثر في العلم وأقسامه بناءً على ما يُذكَر في علم نظريّة المعرفة.
تحدّثنا عن العلم بمراتبه الحسيّة والخياليّة والعقليّة، وسألنا: هل هذا يروي ظمأنا؟ فلنجب عن هذا السؤال ولنكتشف آفاقًا جديدةً للعلم.
الإنسان يطلب بفطرته علمًا لا متناهيًا، وهذا العلم حضوري لا حصولي. دعونا نتعرّف أكثر على الفرق بين العلم الحضوري والعلم الحصولي
تأمّلنا في ميلنا نحو العلم، ووجدنا أنفسنا نميل نحو العلم اللامتناهي. دعونا الآن نتأمّل في ميلٍ آخر غريب وعجيب، قد يظنّه البعض حيوانيًّا، ولكن له بُعد إنساني، وهو الميل نحو القدرة اللامتناهية.
تحدّثنا عن الميل نحو القدرة بوصفه ميلًا إنسانيًّا من شأنه أن يرشدنا إلى السعادة. ولكن توقّف قليلًا! هل هو حقًّا ميل إنساني؟
بعد العلم والقدرة، تعالوا نغوص في ميلٍ فريدٍ من نوعه، في ميلٍ يُقال إنّه أقوى عامل مُنشّط لمراكز اللذة لدى الإنسان. هذا الميل هو الميل نحو الحب.
الحب، الحب، الحب.. لنتأمّل في ما يقوله في علم الأعصاب وعلم النفس البيولوجي حول الحب
تعرّفنا على الحبّ وأنواعه المختلفة، فلنتعرّف الآن على مراتبه، ولنرى: كيف يمكن للحبّ أن يصل إلى ذروته، فنبلغ ذروة اللذة؟
هل الشروط التي ذكرناها كافية للوصول إلى ذروة الحب أم لا؟
بعد الغوص في بحر العلم والقدرة والحب، نصل الآن إلى آخر الميول الفطريّة في دروتنا، وهو الميل نحو الخلود والحياة اللامتناهية
تعرّفنا على الميول الفطريّة المودعة في أنفسنا، بدءًا من العلم، مرورًا بالقدرة والحب، وصولًا إلى الخلود.. حسنًا، فلنرى إلى أين تقودنا هذه الميول
هل تصدّق إن قلت لك: إمّا أن تكون الأديان هعلى حق أو يكون مصيرنا الشقاء؟! قد يبدو الكلام غريبًا، فلنرى إلى أين أوصلتنا فطرتنا
أوصلتنا الفطرة إلى أنّنا طالبون لأمر واحد هو الكمال اللامتناهي، وإنّما نناله إذا ارتبطنا بذاتٍ تمثّل الكمال اللامتناهي في عالمٍ لامتناهٍ. فلنرى الآن كيف تُرضى ميولنا الفطريّة في ظلّ هذا الارتباط.
إذا رجعنا إلى القرآن نجد فيه إشارات إلى حقائق مرّت معنا في هذه الدروس، فلنتأمّل في هذه الإشارات.
لا نصل إلى سعادتنا وكمالنا إلّا بإرضاء ميولنا الفطريّة، ولا تُرضى ميولنا الفطريّة إلّا بوجود كمالٍ مطلقٍ وعالمٍ مطلقٍ، فهل يمكن للفطرة أن تكون دليلنا على ذلك؟
إلى أين وصلت الفراشات الهائمة حول شمعة الجمال المطلق والكمال المطلق؟ وإلى أين ستمضي في طريق سعادتها؟ لنرى سويًّا
الفطرة قالت لكم: ارتبطوا بالكمال المطلق حتّى تُرضى ميولكم، فسألناكم عن كيفيّة تحقّق هذا الارتباط وقدّمتم إجابات جميلة
فلنتعرّف الآن على الطائر الذي سيدلّنا على طريق الارتباط
كلمة نردّدها في كلّ يوم، وقد أخبرتنا الفطرة أنّها كلمة السرّ في كمالنا وسعادتنا ولذّتنا، هذه الكلمة هي "القرب إلى الله"، فما معنى هذه الكلمة؟
فلنتأمّل سويًا في كلمات ذُكرَت في الفلسفة والدين تساعدنا في فهم البحث أكثر
أيّها الإنسان المحدود الضعيف، إيّاك أن تظنّ أنّ بوسعك تقليل المسافة الكماليّة بينك وبين خالقك المطلق. ولكن، هل هذا يعني أنّ طريق الوصول إلى الكمال المطلق مسدود أمامك؟! بالطبع لا
.القرب هو استشعار الفقر، وهو يتجلّى في ثلاث ساحات: الإرادة والصفات والذات، فلنتعرّف عليها
.فلنقرأ معًا كلامًا جميلًا ورائعًا لآية الله الشيخ مصباح اليزدي (رض) حول مرحلة فناء الإرادة وما يستشعره الإنسان فيها
طريقنا نحو الارتباط بالكمال المطلق هو طريق جميل، ولكن إيّانا أن نظنّ أنّه مُعبّد بالورود ولا عوائق فيه أبدًا. كلّا، بل فيه عوائق نسمّيها الحُجب، فلنتعرّف عليها لنقي أنفسنا منها.
رحلتنا إلى القرب نحتاج فيها إلى أدوات، وهذه الأدوات هي: العلم والميل والقدرة. فلنتعرّف عليها ولستكشف دورها العملي في كمالنا.
حركتنا الكماليّة تبدأ من المعرفة، ثمّ تتحوّل المعرفة إلى ميل، ومع وجود القدرة نتحرّك. ولكن هل هذا ما يحصل حقًّا؟! ألسنا نعرف ونميل ونقدر ومع ذلك لا نتحرّك؟! السرّ كلّ السرّ في الإرادة.
بعد الحديث عن الإرادة وعلاقة السيطرة على الحواس بتقوية الإرادة، فلنتعرّف على واحدة من أخطار الأمور التي تُضعف الإرادة.
لا قيمة للمعرفة من دون سيرٍ عملي، وقد اكتسبنا حتّى الآن الكثير من المعارف، وبقي لنا أن نتعرّف على برنامج عملي أصيل يمكن لنا الاعتماد عليه في سيرنا نحو اللاتناهي.
قلنا كثيرًا: الارتباط بالكمال المطلق والقرب إليه هو الذي يُرضي ميولنا الفطريّة، وهذا كان الأساس في رحلتنا.
والآن، فلنسأل الكمال المطلق نفسَه: هل حقًّا القُرب إليك يُرضي ميولنا الفطريّة؟!
رحلتنا المعرفيّة انتهت، وعلينا الآن عقد العزم على الحركة: "وقَد عَلِمتُ أنَّ أفضَلَ زادِ الرّاحِلِ إلَيكَ عَزمُ إرادَةٍ يَختارُكَ بِهَا."
هذه رسالة أخيرة لك، وتوصية من القلب إلى القلب.