المؤمن القوي؛ سر القوة الحقيقية في الإيمان والعمل
- 05/03/2025
- تم النشر بواسطة: بدر سليم
- الفئة: الهوية الإسلامية تطوير الذات

🔅 المؤمن القوي 🔅
جاء في خطبة أمير المؤمنين (ع) في وصف المتقين: “فمن علامة أحدهم أنك ترى له قوة في دين”.
مصطلح (المؤمن القوي) ورد في أحاديث الفريقين إمّا بنصّه أو مضمونه، وقد اشتهر على ألسنة الناس هذا الحديث المنسوب للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم): “المؤمن القويّ خير وأحبّ إلى الله من المؤمن الضعيف”، إلا أنّه غير وارد في مصادرنا، إنما ورد في مصادر مدرسة الخلفاء، لكن مضمونه صحيح، فبطبيعة الحال المؤمن القوي خير من المؤمن الضعيف.
وقبل كل شيء لا بد أن نعرف ما هو المقصود بالمؤمن القوي، ثم نعرض لبعض مظاهر ومصاديق قوّة المؤمن:
🔻 أوّلًا: ما المقصود بالمؤمن القوي؟
ليس المقصود بالمؤمن القوي هو قوي البدن أو مفتول العضلات، بل إنّ هذا المعنى نفته الروايات كما سيتبيّن، ويمكن أن نستفيد من روايات أهل بيت العصمة أن معنى المؤمن القوي أي القوي في إيمانه وتديّنه، حيث روي عن الإمام الصادق (ع) قوله:
“إنّ قوّة المؤمن في قلبه، ألا ترون أنكم تجدونه ضعيف البدن نحيف الجسم وهو يقوم الليل ويصوم النّهار؟!”
وحيث إنّ مركز الإيمان والتديّن هو القلب لذلك قال (ع): “إنّ قوّة المؤمن في قلبه”، ثم نفى (ع) ما تذهب إليه الأوهام من أنّ المقصود بقوّة المؤمن هو قوة البدن، مبيّنًا ذلك بمثال جميل يوضّح إحدى تجليّات قوة المؤمن.
وما يؤيّد هذا المعنى – أي أنّ المقصود بالقوّة هي قوة الدين – ما يلي:
- ما ورد عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قوله: “إن اللَّه عزَّ وجلَّ ليبغض المؤمن الضعيف الذي لا دين له”. فيستفاد من هذا الحديث أنّ المؤمن القوي هو صاحب الدين.
- وكذلك ما ورد في خطبة أمير المؤمنين (ع) في وصف المتقين: “فمن علامة أحدهم أنك ترى له قوة في دين”.
- وما ورد عن الإمام الصادق (ع) قوله: “المؤمن له قوة في دين…”.
🔻 ثانيًا: مظاهر ومصاديق قوة المؤمن
عرفنا أن المقصود بالمؤمن القوي هو القوي في تديّنه، وإنّ عنوان (القوّة في الدِّين) عنوانٌ واسع له مظاهر وتجليّات ومصاديق في حياة المؤمن لا تحصى، نكتفي بذكر بعضها:
1- أقوياء في طاعة الله والالتزام بأحكام دينه:
- قال تعالى:
﴿فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا﴾
. - وقال أمير المؤمنين (ع):
“إذا قَوِيتَ فاقوَ على طاعةِ اللهِ سبحانه، وإذا ضَعُفتَ فاضعَف عن معاصي الله”
. - وقال الإمام الرضا (ع):
“لا دينَ لمن لا وَرَعَ له”
.
2- أقوياء في الدَّعوة إلى الله تعالى والأمر بالمعروف والنَّهي عن المنكر:
- نموذج نبي الله نوح (ع) في الدعوة إلى الله 950 سنة رغم قلة المستجيبين.
- قال تعالى:
﴿ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ ۖ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ﴾
. - قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم):
“مَنْ أمَرَ بالمعروفِ ونَهى عن المنكرِ فهو خليفةُ اللهِ في الأرضِ وخليفةُ رسولِهِ”
. - وقال (صلى الله عليه وآله وسلم):
“إنّ اللَّه عزَّ وجلَّ ليُبغِضُ المؤمن الضعيف الذي لا دين له”، فقيل له: وما المؤمن الذي لا دين له؟ قال (صلى الله عليه وآله وسلم): “الذي لا ينهى عن المنكر”
.
3- أقوياء في قول الحق:
- قال تعالى:
﴿وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ﴾
. - قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم):
“أتقَى النَّاسِ مَنْ قال الحقَّ فيما له وعليه”
. - وقال (صلى الله عليه وآله وسلم):
“ألا إنّ أفضل الجهاد كلمة حقٍّ عند سلطان جائر”
.
وفي هذا السِّياق، يُروى عن الإمام الكاظم (ع) موقفه الجريء مع هارون العباسي، حين واجهه بالحق بلا خوف.
4- أقوياء في مواجهة أعداء الدِّين:
- قال تعالى:
﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ﴾
. - وقال تعالى:
﴿وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ﴾
.
هذا في ظروف المواجهة والتصدِّي، أما في ظروف الدَّعوة والحوار فالموقف كما قال تعالى: ﴿ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ ۖ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ﴾
.
تعليق واحد
اترك تعليقاً إلغاء الرد
يجب أنت تكون مسجل الدخول لتضيف تعليقاً.
مقال مفيد ونافع نفعكم الله به في الدنيا والآخرة مأجورين اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم