🔅 التربية الأخلاقية والروحية في حياة الإمام زين العابدين (ع) 🔅
- 15/05/2025
- تم النشر بواسطة: بدر سليم
- الفئة: الأخلاق الإسلامية تطوير الذات سيرة الأئمة المعصومين شبهات

فهرس المقال
قال الله تعالى في كتابه المجيد:
﴿وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ وَإِقَامَ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءَ الزَّكَاةِ ۖ وَكَانُوا لَنَا عَابِدِينَ﴾
✴️ إشكالية في الخطاب الديني
توجد إشكالية تواجه الخطاب الديني، تقول الإشكالية:
لماذا يتم التركيز في الخطاب الديني على الجانب الأخلاقي والروحي، في حين أنّ الساحة المعاصرة تزدحم فيها أزمات أهم وأخطر، هيَ أولى بتناولها ومعالجتها؟
فالأمة اليوم تعجّ بأزماتٍ سياسية، وحقوقية، واجتماعية، وثقافية، واقتصادية، وأمنية، والأَولى تناول هذه القضايا، سيّما أنّها قضايا فرضت نفسها على واقع الناس وحياتهم، ممّا جعلها همومًا مُلحّة وضاغطة.
✅ الجواب عن هذه الإشكالية
إنّ أساس كلّ الأزمات (السياسية، والاقتصادية، والثقافية، …) هي الأزمة الأخلاقية والروحية؛ وذلك أنّ الأزمات تنشأ بسبب وجود (الفساد)، وإنّما يتشكّل الفساد حينما يغيب في داخل الإنسان (الضَّمير الأخلاقيّ).
فحينما يَتصدَّى للثَّقافة إنسان مأزومٌ أخلاقيًّا وروحيًّا تتأزَّم الثَّقافة…
وحينما يتصدَّى للشَّأن الاقتصاديِّ إنسان مأزوم أخلاقيًّا وروحيًّا يتأزَّم الواقع الاقتصاديُّ.
وهكذا الواقع السِّياسيُّ… وهكذا الواقع الأمنيّ…
نحن نرى كيف أنّ الأنظمة الحاكمة تضع لجان رقابة مُشدَّدة على موظفي الدولة، وتفرض عقوبات مُغلَّظة على مُخالفات الموظفين، وتُعد دورات إعداد للموظفين، ومع كل ذلك فإنها تبقى عاجزة عن محاصرة جميع أشكال الفساد، ومعالجته معالجةً جذريةً.
لماذا؟
لأن كل تلك السُّبل – مع أهميّتها – لا تُؤسِّس للنَّظافة الدَّاخليَّة، فما دام الدَّاخل في حاجة إلى معالجة فإنّ الفساد سيظلّ قائمًا.
من هنا نعلم أنّ (الضمير الأخلاقي) هو الضمانة الكبرى التي تحول دون وقوع الفساد، لما يُحدِثه في داخل الإنسان من حالة الرّقابة الذاتية.
نخلص إلى القول:
إنّ الشأن الأخلاقي والروحي يقع على رأس الأولويات التي ينبغي معالجتها؛ لأن كل الأزمات أساسها غياب الحسّ الأخلاقي والروحي.
🌿 قيمة الشأن الروحي في النصوص
لذلك نجد أنّ النصوص الدينية أعطت الشَّأن الرُّوحيَّ قيمة واضحة، فقال تعالى:
﴿أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ﴾
كذلك تلحظ هذا الأمر واضحًا في سيرة رسول الله (ص) والأئمة من أهل بيته (ع)، خصوصًا في سيرة الإمام زين العابدين (ع)؛ وذلك لأنّ روحية الأمّة تَعرّضت في عصرِه إلى هبوطٍ واضحٍ، وأصاب القِيَم الإسلامية اهتزازٌ كبير، ووجدت قِيَم الجاهلية أجواء منفتحة تحركت من خلالها… كل ذلك يأتي في سياق عملية المسخ الحضاري لهوية الأمة الإسلامية التي عملت عليها السلطة الأموية.
من هنا برز دور الإمام زين العابدين (ع) في تربية الأمّة وتحصينها من خلال الصيغة الأخلاقية والروحية.. ونذكر هنا بعض الجوانب من عطائه (ع) الأخلاقي والروحي بما يتّسع له المقام:
🔻 أولًا: مقابلة الإساءة بالإحسان
كان من مكارم أخلاق الإمام (ع) وعظيم سجاياه أنّه يُقابِل الجميع بالإحسان، حتى من أساء إليه! ومن شواهد ذلك:
1- الرواية الأولى:
يُروى أنّ الإمام زين العابدين (ع) كان خارجًا ذات يوم من المسجد، فأسرع شخص فسَبّه، فثارت إليه العبيد والموالي يُريدون الانتقام منه، فنهاهم الإمام (ع)، وأقبل على ذلك الرجل فقال:
“ما سَتَرَهُ اللهُ عَنْكَ أَكْثَرُ، أَلَكَ حاجَةٌ نُعينُكَ عَلَيْها؟”
فاستحيى الرجل، وأشفق عليه الإمام، فألقى عليه خميصة كانت عليه، وأمر له بألف درهم، واهتدى الرجل، فكان بعد ذلك يقول للإمام إذا رآه:
“إنّك من أولاد الأنبياء”.
هذه الرواية تعبّر عن نفس الإمام الملائكية، حيث قابل الإساءة بمنتهى الأدب والإحسان والكرم، فكان في ذلك هداية الرجل على يد الإمام (ع)!
إنّ الإمام زين العابدين (ع) يُؤصِّل لنا من خلال هذا الموقف ما لحُسن الخُلُق من عظيم أثر في استمالة القلوب لخطِّ أهل البيت (ع)…
ثم إنّ الأسلوب إذا كان في غاية النظافة والمحبة والتسامح، فإنّه يكسح الكثير من التعقيدات في قضايا الحوار، ويفتح القلوب…
فإذا انفتحت القلوب، صارت للفكرة فاعليتها وأثرها ووهجها وحرارتها، ولا يكون ذلك إلا بحُسن الخُلُق.
❗ للأسف، نجد اليوم من يُحاور الآخرين بأسلوب الشتم والشتائم، متناسيًا أثر ذلك المدمر…
روي عن الإمام الصادق (ع):
“معاشر الشيعة، كونوا لنا زينًا، ولا تكونوا علينا شينًا، قولوا للناس حُسنًا، احفظوا ألسنتكم، وكُفُّوها عن الفضول وقبيح القول”.
2- الرواية الثانية:
يُروى أنّ شخصًا سَبّ الإمام، فقال (ع) له:
“إِنْ كُنّا كَما قُلْتَ فَنَسْتَغْفِرُ اللهَ، وإنْ لَمْ نَكُنْ كَما قُلْتَ فَغَفَرَ اللهُ لَكَ”
فبُهِت الرجل وراح يعتذر للإمام قائلًا:
“جعلت فداك، ليس كما قلت أنا فاغفر لي”،
وأخذ الإمام يلاطفه، فراح الرجل يقول:
“الله أعلم حيث يجعل رسالته فيمن يشاء”.
🔻 ثانيًا: قضاء حوائج الناس
كان الإمام زين العابدين (ع) كثير القضاء لحوائج الناس، مما يدل على عظمة هذه العبادة، مضافًا لكونها تعزز التكافل الاجتماعي داخل المجتمع المسلم… ومن الشواهد:
1- قوله (ع):
“إِنَّ عَدُوِّي يَأْتِينِي بِحَاجَةِ فَأُبَادِرُ إِلَى قَضَائِهَا خَوْفاً أَنْ يَسْبِقَنِي أَحَدٌ إِلَيْهَا أَوْ يَسْتَغْنِيَ عَنِّي فَتَفُوتَنِي فَضِيلَتُهَا”.
2- قصة محمد بن أسامة:
عندما زاره الإمام فوجده يبكي، قال له:
“مَا يُبْكِيكَ؟”
قال: “عليَّ دَين”
قال (ع): “كَمْ هُوَ؟”
قال: “خسمة عشر ألف دينار”
فقال (ع): “هِيَ عَلَيَّ”
ودفعها له قبل أن يقوم.
🔻 ثالثًا: أسلوب العبادة
ونعني بها الصلاة، الدعاء، الذكر، التلاوة… وقد استخدمها الإمام لترشيد الروح في الأمة، واتّسمت عبادته بـ:
1- الجدّ والاجتهاد:
قال الإمام الباقر (ع):
“كان علي بن الحسين (ع) يُصلِّي في اليوم والليلة ألف ركعة”.
وكان يُلقّب بـ ذو الثفنات لكثرة سجوده.
2- الخشوع:
كان (ع) يتغير لونه إذا وقف للصلاة، وترتعد أعضاؤه… وكان يصلي صلاة مودّع.
3- التواضع:
رغم عبادته العظيمة، كان يقول:
“أين عبادتي عن عبادة جدي رسول الله (ص) أو عبادة جدي أمير المؤمنين (ع)؟”
4- شمولية الأدعية:
الصحيفة السجادية ليست فقط أدعية، بل وثيقة فكرية واجتماعية.
قال مفتي الإسكندرية بعد قراءتها:
“كلما أنظر فيها أراها فوق كلام المخلوق ودون كلام الخالق”.
ممتاز، إليك الفقرة الختامية المناسبة لإضافتها في نهاية المقال:
🧭 هل لامس المقال قلبك؟
إذا استوقفتك هذه الرحلة في حياة الإمام زين العابدين (ع)، وأثّرت فيك أبعاده الروحية والأخلاقية…
فلا تتوقف هنا!
📚 في مركز البصيرة، نقدّم لك مجموعة مختارة من الدورات الأخلاقية وتطوير الذات ونمط المعيشة، التي تُكمل هذا المعنى وتُساعدك على بناء ضميرك الداخلي واستعادة توازنك الروحي.
🔗 تصفح هذه الدورات الآن – إن أعجبك المقال، فهذه الدورات حتمًا ستعجبك أكثر.
اترك تعليقاً إلغاء الرد
يجب أنت تكون مسجل الدخول لتضيف تعليقاً.